التصنيفاتمقالاتي

كيف لي أن أرثي أبا يزيد؟

عرفته، وتابعت كتاباته، ولم يكن لي معه ذلك التواصل.. بل إنه الغائب الحاضر، وكان أول لقاء معه في بدايات بعثته الدراسية في باكستان في أواخر الستينيات الميلادية، وما عسى أن أقول عنه بعد أن ارتحل للدار الآخرة -غفر الله له وأسكنه فسيح جناته- تأبيني له لا يقتصر على ذكر كريم خلقه وحُسْن تعامله وسيرته فقط.. ولا على طموحاته وتحصيله العلمي وتخصصه النادر.. ولا على حواراته ومجادلاته الموضوعية وكتاباته الصحفية المميزة، وتواصله رغم معاناته وصراعه مع المرض الذي امتد لسنوات.. بل يتجاوز ذلك إلى إنسانيته ولطفه وتواضعه وسعيه في سبيل الخير.

ذلك الشخص الفذ هو سعادة الدكتور عبدالمحسن بن عبدالله التويجري.. المتواري عن المظاهر، الساعي دائماً لتطوير ذاته علماً ومعرفة وثقافة، مساهماً في خدمة وطنه ومواطنيه بعمله طبيباً وبجاهه وماله ورحابة صدره إنساناً.. حباه الله بجُمْلة من المكارم.. رحمه الله رحمة واسعة.

لقد كان لتأبين معالي الدكتور محمد بن أحمد الرشيد للمرحوم -بإذن الله- بصحيفتَيْ الجزيرة والرياض وَقْعٌ خاص في نفسي، بقوله عنه «ليس إنساناً بالمعنى المحمود الذي يفهمه الجميع.. لكنه إنسان بكامل الصفات الإنسانية الصافية النقية الخالصة»، وقوله: «كأن كل المكارم والمحامد والقيم والفضائل كانت أمام جنازته».. حقاً ما قلت يا معالي الدكتور.

عرفه وتحدث عنه محبوه، وعرَّفوه بما يليق بمكانته وسيرته العطرة، وقد رحل إلى آخرته تاركاً موروثاً كبيراً من خصالٍ حميدة وقيم ومروءات تلوح على سبورة الحياة، وتلك مآثر ستبقى خالدة تُحيي ذكره وتؤنس وحشته.

وعندما أشير إلى بعض من فيض الخاطر.. أشكره وأذكره وأترحم عليه، ولن أفيه حقه.. ورجائي إلى الله أن يصلح عقبه، ويحميهم من بوائق الزمن، وأن يقتفوا أثره.. إنه جواد كريم.